اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 357
وفي الآخرة ينال أصحابه الجزاء العظيم.
بل إن المودة الكاملة هي التي تثبت حتى بعد الموت، لأن المودة الزوجية ـ كما ذكرنا ـ نوع جليل من الحب في الله، وهو إنما يراد للآخرة، فإن انقطع قبل الموت حبط العمل وضاع السعي.
ب ـ تعديه إلى الأقارب والمعارف:
وهي من مقاصد الشريعة كذلك من الزواج، لأن من مقاصده التواصل بين المسلمين، ولذلك اعتبر الأصهار من المحارم، وأوجب لهم حقوقا، ومثل هذا الحب يحفظ هذه العلاقات، فلا تقع الشحناء بين الزوجين وأهلهما، بل يعيشون في انسجام تام.
وقد عبر الغزالي عن تأثير المحبة في الله في جلب هذا الأثر المتعدي، فقال: (لا يدل على قوة الشفقة والحب إلا تعديهما من المحبوب إلى كل من يتعلق به، حتى الكلب الذي على باب داره، ينبغي أن يميز في القلب عن سائر الكلاب، ومهما انقطع الوفاء بدوام المحبة شمت به الشيطان، فإنه لا يحسد متعاونين على بر كما يحسد متواخيـين في الله ومتحابـين فيه، فإنه يجهد نفسه لإِفساد ما بـينهما، قال الله تعالى ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا)(الإسراء:53) وقال مخبراً عن يوسف علیهالسلام: (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(يوسف:100)) [635]
وما ذكره الغزالي من قوله (حتى الكلب الذي على باب داره ينبغي أن يميز في القلب عن سائر الكلاب) لا ينبغي أن يستغرب واقعا، فقد قال الشاعر:
رأى المجنون في البيداء كلبا فجر له من الإحسان ذيلا