اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 356
يتجدد من الأحوال لؤم، وقد قال الشاعر:
إنَّ الكرامَ إذا ما أيسروا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخَشِنِ
ولو نظرنا إلى الواقع لرأينا كيف يغير الكثير من الناس ـ ممن لا حظ لهم في هذا النوع من الحب ـ نساءهم، أو يرمونهن في سلة الإهمال كلما ترقوا في مراتب الدنيا غافلين عن كل لحظات الآمال التي كان يمدها بها صبر الزوجة ووفاؤها.
ومن أهم آثار هذا الحب كذلك، والتي تحفظ له جدته واستمراره أنه لا يرتبط بالأغراض، ولا الأحوال النفسية وتقلباتها، قال ابن القيم:(وعلامة هذا الحب والبغض في الله أنه لا ينقلب بغضه لبغيض الله حبا لإحسانه إليه وخدمته له وقضاء حوائجه، ولا ينقلب حبه لحبيب الله بغضا إذا وصل إليه من جهته ما يكرهه ويؤلمه، إما خطأ وإما عمدا، مطيعا لله فيه أو متأولا أو مجتهدا أو باغيا نازعا تائبا) [633]
وقال في موضع آخر:(فلا عيب على الرجل في محبته لأهله وعشقه لها إلا إذا شغله ذلك عن محبة ما هو أنفع له من محبة الله ورسوله وزاحم حبه وحب رسوله، فإن كل محبة زاحمت محبة الله ورسوله بحيث تضعفها وتنقصها فهي مذمومة، وإن أعانت على محبة الله ورسوله وكانت من أسباب قوتها فهي محمودة، ولذلك كان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يحب الشراب البارد الحلو ويحب الحلواء والعسل ويحب الخيل، وكان أحب الثياب إليه القميص، وكان يحب الدباء فهذه المحبة لا تزاحم محبة الله، بل قد تجمع الهم والقلب على التفرغ لمحبة الله) [634]
ولذلك كان هذا الحب أرفع أنواع الحب في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا تتحقق به المقاصد الشرعية من الحفاظ على الأسرة وعلى سعادة أفرادها في وجه كل الأعاصير والعواصف الدنيوية،