اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 300
أرحامه ويعودهم، بينما إذا تزوجت المرأة قطعت رحمها، فلا تعرف خالها ولا عمها، ولا أحدا من أقاربها؟ مع أن النصوص الموجبة لهذه الصلة لا تقتصر في إيجابها على الرجال دون النساء.
وهذا الوجوب يتأكد في حال حاجة الوالدين خاصة لتعهدها، لأن من الأمراض ما يمكن اعتبار العيادة فيه أمرا استحبابيا، كالأمراض البسيطة أو الأمراض الدائمة التي لا يمكن اعتبار صاحبها مريضا لملازمتها له، وقد قال ابن دقيق العيد:(عيادة المريض عند الأكثرين مستحبة بالإطلاق وقد تجب، حيث يضطر المريض إلى من يتعاهده، وإن لم يعد ضاع)[525]
ومع ذلك، فإن هذا القول يبقى مقيدا بالظروف الخاصة التي قد تفرض على الزوجة طاعة الزوج في عدم إذنها، وتجيز للزوج أن يمنعها لا بالسلطة الزوجية التي يتصورها، وإنما بقيود المصلحة التي اعتبرها الشرع.
أما الحديث الذي أورده بعض أصحاب القول الثاني، فإنه لو لم يضعف سندا لضعف عقلا وشرعا، فإن أي مؤمن يعرف رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وما جبل عليه من رحمة حتى سماه ربه رؤوفا رحيما يحيل عليه a أن يفعل ذلك، بل تنزيهه من ذلك كتنزيهه من المعاصي وما ينفر مما هو من خصائص الأنبياء ـ عليهم السلام ـ
والعجب أن مثل هذا الحديث يردد على المنابر، ويتناقله العامة الذي لا يحفظون حديثا صحيحا واحدا، مع أن آثاره الواقعية لا يمكن حصر خطرها، فهو كمن ضرب مائة عصفور بحجر واحد، فبهذا الحديث الواحد ضربت سماحة الإسلام وشوهت رحمة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم التي هي أخص خصائصه ولسان رسالته، وشوهت معها شخصيته a، وتمردت المرأة على الرجل، بل تمردت على الأحكام الشرعية نفسها، وتجبر الرجل، وضاعت