اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 255
لا يتصدقون عليهم رغبة منهم في أن يسلموا إذا احتاجوا، فنزلت الآية بسبب أولئك[431]، فدل هذا السبب على عدم جواز استخدام التقصير في النفقة أو الشح بها وسيلة للدعوة للإسلام.
وبما أن مثل هذا الأمر لا تكفي فيه التشريعات الدينية، بقدر ما تؤسسه القناعة الإيمانية والتوجيه التربوي، وردت النصوص القرآنية الكثيرة لتخبر أن الإيمان نعمة من الله يهبها لمن شاء من عباده، وأن الإكراه لا ينتج المؤمنين، بل قد ينتج المنافقين.
وسنذكر هنا بعض التصورات العقدية التي ربى بها القرآن الكريم هذه الناحية في نفوس المسلمين، لأن منشأ السماحة الإسلامية ليس مجرد التشريعات القانونية التي قد تجد طريقها للتفلت، والاحتيال، وإنما هي سماحة تنطلق من العقيدة والتربية، قبل التشريع والتقنين، فمن تلك التصورات:
1. أن إكراه الناس على الإيمان تدخل في المشيئة الإلهية التي شاءت هذا الاختلاف، قال تعالى: ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) (يونس:99)، قال ابن عباس: (كان النبي a حريصا على إيمان جميع الناس،فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبقت له السعادة في الذكر الأول، ولا يضل إلا من سبقت له الشقاوة في الذكر الأول)[432]
2. أن تبين الحق والضلال والرشد والغي كاف وحده للدلالة على الإيمان، فلا حاجة لوسيلة أخرى، قال تعالى: ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ )(البقرة: 256) وكأن هذه الآية تحث المؤمن على أن يكون نموذجا للرشد، فذلك وحده كاف للهداية إلى الحق.
[431] انظر أسباب نزول الآية في: القرطبي:3/337، فتح القدير:1/293.