اسم الکتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 23
تبن.
فأقام ما شاء الله، ثم كتب إليه عمر: (أقدم)، فلما بلغه قدومه، كمن له على الطريق
- وكانت هذه عادته - فلما رآه على الحال التي خرج عليها، أتاه فالتزمه وقال: أنت أخي
وأنا أخوك[1].
وهكذا
كان حال سلمان الفارسي الذي دخل عليه قوم - وهو أمير على المدائن - وهو يعمل
الخوص، فقيل له: لم تعمل هذا وأنت أمير يجرى عليك رزق؟ فقال: (إنى أحب أن آكل من
عمل يدى)، وكان يشترى خوصا بدرهم فيعمله ويبيعه بثلاثة دراهم ينفق درهما ويتصدق
بدرهمين، وروي أنه تعلم عمل الخوص بالمدينة من الأنصار أيام كان بها مع النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم وكان عطاؤه خمسة
آلاف، يتصدق به، ويأكل من عمل يده[2].وهكذا كان حال سعيد بن عامر حين كان واليا على حمص، وسأله عمر بن الخطاب،
فقال له: ما لك من المال؟ قال: سلاحي وفرسي وأبغل أغزو عليها، وغلام يقوم عليَّ
وخادم لامرأتي، وسهم يعد في المسلمين. فقال له عمر: ما لك غير هذا؟ قال: حسبي هذا،
هذا كثير. فقال له عمر: فلمَ يحبك أصحابك؟ قال: أواسيهم بنفسي، وأعدل عليهم في
حكمي. فقال له عمر: خذ هذه الألف دينار فتقوَّ بها. قال: لا حاجة لي فيها، أعط من
هو أحوج إليها مني. فقال عمر: على رسلك حتى أحدثك ما قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
ثم إن شئت فاقبل وإن شئت فدع: إن رسول الله عرض عليَّ شيئًا فقلت مثل الذي قلت،
فقال رسول الله: (من أعطي شيئًا من غير سؤال ولا استشراف نفس، فإنه رزق من الله
فليقبله ولا يرده)، فقال الرجل: أسمعت هذا من رسول الله؟ قال: نعم. فقبله الرجل ثم