اسم الکتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 202
وكل
من أخرجوك، ويعتبرون الحق معهم، ويعتبرونك الضال في تلك الدعوة، ولا عجب في أن
يتحول الدين بعدك إلى قارونية وكسروية وقيصرية.
لقد
كان من المشيعين لك عند خروجك حبيبك وخليلك الإمام علي الذي شهد لك بالصدق والوفاء
للنبوة لآخر لحظة.. لقد قال لك مودعا: (يا أبا ذر إنك غضبت لله فارج من غضبت له،
إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه، واهرب
منهم بما خفتهم عليه، فما أحوجهم إلى ما منعتهم وما أغناك عما منعوك وستعلم من
الرابح غدا والأكثر حسدا، ولو أن السماوات والأرضين كانتا على عبد رتقا ثم اتقى
الله لجعل الله له منهما مخرجا، ولا يؤنسك إلا الحق ولا يوحشك إلا الباطل، فلو
قبلت دنياهم لأحبوك ولو قرضت منها لأمنوك)[1]
ثم
قال لمن كان معه في توديعك: ودعوا عمكم.. وقال لعقيل: ودع أخاك.. فقال عقيل يخاطبك:
ما عسى أن نقول يا أبا ذر، وأنت تعلم أنا نحبك، وأنت تحبنا، فاتق الله، فإن التقوى
نجاة، واصبر فإن الصبر كرم، وأعلم أن استثقالك الصبر من الجزع، واستبطاءك العافية
من اليأس، فدع اليأس والجزع.
ثم
قال لك الحسن: يا عماه، لولا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف، لقصر
الكلام وإن طال الأسف، وقد أتى القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها،
وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك a وهو عنك راض.
ثم قال لك الحسين: يا عماه، إن الله
تعالى قادر أن يغير ما قد ترى، والله كل يوم