وكنت
كأصحابك المنتجبين تدعو إلى عدم قصر الدين على الظواهر مع إهمال القلب والباطن،
وقد روي أنه جاء ناس من الدهاقين فتعجب الناس من غلظ رقابهم وصحتهم، فقلت: (إنكم
ترون الكافر من أصح الناس جسما، وأمرضهم قلبا، وتلقون المؤمن من أصح الناس قلبا،
وأمرضهم جسما، وايم الله، لو مرضت قلوبكم وصحت أجسامكم لكنتم أهون على الله من
الجعلان) [2]
وكنت
تقول: (من استطاع منكم أن يجعل كنزه حيث لا يأكله السوس، ولا تناله السراق فليفعل،
فإن قلب الرجل مع كنزه)
وعندما
سمعت بعضهم يقول: (هلك من لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر)، قلت له: (بل هلك
من لم يعرف قلبه المعروف وينكر قلبه المنكر)
وكنت
تقول: (إذا أصبح أحدكم صائما فليترجل، وإذا تصدق بصدقة بيمينه فليخفها عن شماله،
وإذا صلى صلاة أو صلى تطوعا فليصلها في داخله) [3]
وكانت
لك المواعظ الكثيرة التي تدعو إلى عدم الاستغراق في الدنيا وشهواتها، والاهتمام
بالتحضير للموت وما بعده، ومنها قولك: (ذهب صفو الدنيا وبقي كدرها، فالموت اليوم
تحفة لكل مسلم)، وقولك: (إنما الدنيا كالثغب،
ذهب صفوه وبقي كدره)، وقولك: (ألا حبذا
المكروهان: الموت والفقر، وأيم الله، إن هو إلا الغنى أو الفقر، وما