لا أزال أذكر
جيدا تلك الفترة العصيبة التي قام فيها البغاة بإعلان بغيهم وتمردهم.. وحينها لم
تصدر أمرا ملكيا، ولا قرارا رئاسيا، تفرضه على رعيتك فرضا، وتعاقب كل من يخالفه،
مثلما فعل أعداؤك، ولا زالوا يفعلون.. وإنما رحت تخبرهم عما حصل، وتستشيرهم في
الرأي المناسب.. وإن كان الله قد آتاك من العلم والحكمة والبصيرة ما يغنيك عن ذلك
كله.
لقد ذكر
الرواة الثقاة أنك جمعت في ذلك الحين من معك من المهاجرين والأنصار، ثم حمدت الله
وأثنيت عليه، ثم قلت: (أما بعد فإنكم ميامين الرأي، مقاويل
بالحق، أهل الحلم، مباركو الفعل والأمر، وقد أردنا المسير إلى عدوّنا وعدوّكم
فأشيروا علينا برأيكم)
حينها قام عمار
بن ياسر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (يا أمير المؤمنين إن استطعت ألّا تقيم
يوما واحدا فافعل، اشخص بنا قبل استعار نار الفجرة واجتماع رأيهم على العدوان والفرقة،
وادعهم إلى رشدهم، فإن قبلوا سعدوا، فإن أبوا إلّا حربنا فو الله إن سفك دماءهم، والجدّ
في جهادهم لقربة عند اللّه)
وخاطبته
حينها بقولك: (لله درّك يا عمّار. سمعت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يقول: (إن عمارا ملئ إيمانا إلى مشاشه)، وكان عمار
إذا استأذن على النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم يقول: (ائذنوا له)، فإذا دخل استقبله a بقوله: (مرحبا بالطيب المطيب)
بعدها قام
سعد بن قيس بن عبادة، فقال: (يا أمير المؤمنين.. عجّل بنا إلى عدوّنا، فو الله لجهادهم
أحب إليّ من جهاد الترك والروم لإدهانهم في دين الله، واستذلالهم