اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 56
نجاح. على
أن غلبة معاوية على علي، كانت لأسباب أكبر من الرجلين: كانت غلبة جيل على جيل،
وعصر على عصر، واتجاه على اتجاه. كان مد الروح الإسلامي العالي قد أخذ ينحسر.
وارتد الكثيرون من العرب إلى المنحدر الذي رفعهم منه الإسلام، بينما بقي علي في
القمة لا يتبع هذا الانحسار، ولا يرضى بأن يجرفه التيار. من هنا كانت هزيمته، وهي
هزيمة أشرف من كل انتصار)[1]
ومنهم
الدكتور طه حسين الذي قال مقارنا بينك وبين خصومك: (كان الفرق بين علي ومعاوية عظيماً
في السيرة والسياسة، فقد كان علي مؤمناً بالخلافة ويرى أن من الحق عليه أن يقيم
العدل بأوسع معانيه بين الناس، أما معاوية فإنه لا يجد في ذلك بأساً ولا جناحاً،
فكان الطامعون يجدون عنده ما يريدون، وكان الزاهدون يجدون عند علي ما يحبون)[2]
وشهد لك بذلك
عبد الرحمن الشرقاوي، فقال ـ واصفا لك ـ (الإمام عليّ رجل دولة بصير بسياسة أمور
الرعية، ولكنه يريد أن يقيم سياسته على دعائم من مكارم الأخلاق، ولا يضيره ما
يعاني وهو يشقّ الطريق الوعر إلى الحقيقة، ليقيم العدل، ويحقق للناس المساواة، ويدفع
الظلم، ولو أنه عدل عن نهجه السوي لحظة، لتهدّمت قيم نبيلة، وانهارت مثل عليا.. الإمام
عليّ يرى أن صلاح الغاية لا يتم إلّا بصلاح الوسيلة، وغايته مصلحة الأمة، وصلاحها،
ولأن يخسر أمنه، وراحته، خير من أن يهدر قيمه.. ولأن يهدي به الله رجلا واحدا، خير
له من الدنيا وما فيها.. الإمام
علي استقى من منبع النبوّة، وتربّى بخلق النبوة، فكان رباني هذه الأمة)[3]