responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 194

واعلم أنّ درجات الجنّة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق، فلا يكون في الجنّة بعد النبيين والصدّيقين أرفع درجّة منه)

وهكذا ـ سيدي ـ رحت ببصيرتك النافذة تفسر سبب ما كان عليه الأنبياء عليهم السلام من فاقة وحاجة مقارنة بالطواغيت والمجرمين، فقلت في خطبتك التي حذرت فيها من المشروع الشيطاني للإنسان: (و لقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون عليهما السّلام على فرعون، وعليهما مدارع الصّوف، وبأيديهما العصيّ، فشرطا له إن أسلم بقاء ملكه، ودوام عزّه، فقال: أ لا تعجبون من هذين، يشرطان لي دوام العزّ وبقاء الملك، وهما بما ترون من حال الفقر والذّلّ، فهلّا ألقي عليهما أساورة من ذهب؟ إعظاما للذّهب وجمعه، واحتقارا للصّوف ولبسه، ولو أراد اللّه سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذّهبان، ومعادن العقيان، ومغارس الجنان، وأن يحشر معهم طيور السّماء، ووحوش الأرضين لفعل، ولو فعل لسقط البلاء، وبطل الجزاء، واضمحلّت الأنباء، ولما وجب للقابلين أجور المبتلين، ولا استحقّ المؤمنون ثواب المحسنين، ولا لزمت الأسماء معانيها، ولكنّ اللّه سبحانه‌ جعل رسله أولي قوّة في عزائمهم، وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم، مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى، وخصاصة تملأ الأبصار والأسماع أذى)

ثم فسرت سر كون الأنبياء من ضعفة الناس، فقلت: (و لو كانت الأنبياء أهل قوّة لا ترام، وعزّة لا تضام، وملك تمدّ نحوه أعناق الرّجال، وتشدّ إليه عقد الرّحال، لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار، وأبعد لهم في الاستكبار، ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم، أو رغبة مائلة بهم، فكانت النّيّات مشتركة، والحسنات مقتسمة، ولكنّ اللّه سبحانه أراد أن يكون الاتّباع لرسله، والتّصديق بكتبه، والخشوع لوجهه، والاستكانة لأمره، والاستسلام لطاعته، أمورا له خاصّة، لا تشوبها من غيرها شائبة، وكلّما كانت البلوى

اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست