responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 151

بالخضوع له، والرّجوع إليه. من وصفه فقد حدّه، ومن حدّه فقد عدّه، ومن عدّه فقد أبطل أزله، ومن قال: كيف؟ فقد استوصفه، ومن قال: أين؟ فقد حيّزه. عالم إذ لا معلوم، وربّ إذ لا مربوب، وقادر إذ لا مقدور) ‌[1]

ومن ذلك كلماتك سيدي التي كنت ترد بها على نفاة القدر.. ومنها هذه المحاججة التي نقلت لنا عنك، فقد ذكر المحدثون أن سائلا سألك عن القدر[2]، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر؟ فأجبته: بحر عميق فلا تلجه.. فعاد فسأل، فأجبته: سرّ اللّه عزّ وجلّ قد خفي عليك فلا تفشه.. فعاد فسأل، فأجبته: أيّها السائل، إنّ اللّه عزّ وجل خلقك لما شاء أو لما شئت؟ فقال: بل لما شاء.. فقلت له: فيستعملك لما شاء أو لما شئت؟.. قال: بل لما شاء.. فقلت له: أيّها السائل، أ لست تسأل ربّك العافية؟.. قال: بلى.. فقلت له: فمن أيّ شي‌ء تسأله العافية، من البلاء الذي ابتلاك به أو البلاء الذي ابتلى به غيرك؟.. قال: بل من البلاء الذي ابتلاني به هو.. فقلت له: أيّها السائل، ألست تقول: لا حول ولا قوّة إلّا... بمن؟.. قال: إلّا بالله العلي العظيم.. فقلت له: أيّها السائل، أتعلم ما تفسيرها؟.. قال: علّمني مما علّمك اللّه يا أمير المؤمنين؟.. فقلت له: فإنّ تفسيره أن العبد لا يقدر على طاعة اللّه، ولا تكون له قوّة في معصية في الأمرين جميعا إلّا بالله جلّ وعزّ.

ثم رحت تضع له الاحتمالات في ذلك، وقلت: (أيّها السائل، ألك مع اللّه جلّ وعزّ مشيئة، أو فوق اللّه مشيئة، أو دون ذلك مشيئة؟ فإن زعمت أن لك دون اللّه مشيئته فقد اكتفيت بها عن مشيئة اللّه، وإن زعمت أنّ لك فوق اللّه مشيئة فقد زعمت أنّ قوّتك ومشيئتك غالبتان على قوّة اللّه ومشيئته، وإن زعمت أنّ لك مع اللّه عزّ وجل مشيئة فقد


[1] نهج البلاغة: الخطبة رقم 152.

[2] دستور معالم الحكم ومأثور مكارم الشيم، للقاضي القضاعي، ص 107- 109.

اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست