ولذلك
كنت المبلغ عن الله الأمين في تبليغك؛ فلم تراع حرصك على إيمان الناس، وإنما راعيت
ما كُلفت به، حتى لو كنت خائفا من أن يكون ذلك فتنة لبعض من اتبعوك، وقد قال الله
تعالى يأمرك بالبلاغ في شأن إمامة الإمام علي من بعدك: ﴿يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ
فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ (المائدة:67)
وحين
نزلت عليك هذه الآية الكريمة، وكنت تعلم أن تبليغ ما كلفت بتبليغه سيكون فتنة
عظيمة، لكنك فعلت تنفيذا لأمر الله.. وقد ورد في الحديث المتواتر أنك بعد نزولها
عليك طلبت أن يقام لك من حدائج الإبل، فصعدت عليه، ثم قلت: (إنّي أوشك أن أدعى
فأجيب، وإنّي مسئول، وأنتم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟)، فقالوا: نشهد أنّك قد
بلّغت، ونصحت وجهدت فجزاك الله خيرا.. ثم قلت لهم: (ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ
الله، وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وأنّ جنّته حقّ، وأنّ ناره حقّ، وأنّ الموت حقّ،
وأنّ السّاعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور...)، فقالوا: بلى
نشهد بذلك، فقلت: (اللهمّ اشهد)، ثم قلت: (إنّي فرط على الحوض، وأنتم واردون عليّ
الحوض، وإنّ عرضه ما بين صنعاء وبصرى، فيه أقداح عدد النّجوم من فضّة،
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 68