اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 64
المبلغ الأمين
سيدي
يا رسول الله.. يا من اختاره الله لتبليغ آخر كلماته المقدسة للبشر، فبلغها كما
سمعها، لم يغير ولم يبدل.. وبلغها لكل الناس بجميع طبقاتهم، فلم يستثن منهم أحدا..
وبلغها في كل الظروف اللينة والقاسية.. وكان أمينا في كل ذلك.. فلم تختلط كلماته
بكلمات الله، ولا الهدي الذي نطق به بالهدي الذي أنزل عليه مع أن المنبع واحد،
والسراج واحد.
ولو
أن أولئك المتحذلقين المدعين للعقلانية، صدقوا مع عقولهم، واكتفوا منك بهذا الباب
من أبواب الدلالة عليك، لأوصلهم إليك، ولكان مقدمة لهم ليعرفوك.
فلو
أنهم نظروا إلى الظروف التي كانت تتنزل عليك فيها كلمات ربك، وقارنوها بالظروف
التي كتب فيها كل العباقرة ما كتبوه لوجدوا أن الكلمات التي بلغتها يستحيل أن تكون
من عندك.
فالعباقرة
أو من يظنون أنفسهم كذلك، كانوا يكتبون كلماتهم في ظل التمجيد والتعظيم والتقديس،
بينما كنت تبلغ كلمات ربك، وأنت محاط بأولئك القساة الذين كانوا يسخرون منك ومنها،
ويستعملون كل وسائل الإيذاء والتنفير التي وصفها الله تعالى بقوله: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا
الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾
[فصلت: 26]، وبقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ
آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾
[الفرقان: 4، 5]
وقد
كان الوحي حينها يتنزل عليك بكل أصناف الحجج التي ترد عليهم، وتبين
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 64