اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 62
وهكذا
كانت قيادتك ـ سيدي ـ على خلاف قيادة غيرك، ممتلئة بالتواضع والرحمة واللطف
والقيم.. وفوق ذلك كله كانت ممتلئة بالزهد والعفاف والنبل.. فلم تكن تطلب من وراء
تلك الخدمات العظيمة التي قدمتها للأمة أي أجر.. وقد أمرك الله تعالى أن تقول: ﴿ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا
ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) (الأنعام:90)، وأن تقول: P
مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى
رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ (الفرقان:57)، وأن تقول:
﴿ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ
أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾
(صّ:86)
ولهذا
اعتبر من أدلة صدقك لكل المناوئين والمشككين، عفافك عن الأموال والمصالح، قال تعالى:
﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ
مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾ (الطور:40)، وقال: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ
وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ (المؤمنون:72)
فأنت
ـ سيدي ـ لم تكن لتنال على تلك الوظيفة الخطيرة التي كلفت بها، والتي جعلتك مشغولا
في كل الأوقات، لا ترتاح ليل نهار، أي أجر سوى الأجر الذي أعده الله لك.
بل
إن الله تعالى فوق ذلك أمر بأن تعيش جميع حياتك ـ مهما فتح الله عليك من الدنيا ـ
بتواضع وزهد وبعد عن الملذات التي يتهافت عليها الناس، قال تعالى: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ
أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (الحجر:88)، وقال تعالى: ﴿وَلا
تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ (طه:131)
هذه
سيدي بعض ملامح قيادتك للأمة.. وهي كافية لأن تجعلك أسوة صالحة للقيادة الحكيمة،
التي لا تريد جزاء ولا شكورا، وإنما تهدف إلى تحقيق العدل والرحمة، ونشر الخير
والبركة.
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 62