وهكذا
كان الجميع يتذرعون للفرار من المعركة.. لكنك بحكمتك استطعت أن تنتصر، ومن غير سفك
للدماء.
وفوق
ذلك كله كانت قيادتك لمجتمع متنوع، فيه كل أصناف التمييز والطبقية والعنصرية، ومع
ذلك استطعت أن تملأ حياتهم بالانسجام، وأن تخلصهم من تلك العصبيات، وأن تنشر بينهم
قيم الأخوة، لقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال: ﴿وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ
بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ
فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: 103]
لقد
استطعت ـ سيدي ـ في ظل قيادتك الحكيمة أن تمحو كل تلك الفوارق الاجتماعية التي
كانت تملأ حياة المجتمعات جميعا، فقد كنت تردد عليهم كل حين: (إن الله قد أذهب
عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقى وفاجر شقى، أنتم بنو آدم وآدم من
تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله
من الجعلان التى تدفع بأنفها النتن) [1]
[1] رواه أحمد (2/ 523، رقم
10791)، وأبو داود (4/ 331، رقم 5116)، والبيهقى (10/ 232، رقم 20851). وأخرجه
أيضا: الترمذى (5/ 735، رقم 3956)
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 61