وحدث جبير بن مطعم أنه بينما كان
معك مقبلا من حنين علقت بك الأعراب يسألونك، حتى اضطروك إلى سمرة فخطفت رداءك،
فوقفت، وقلت لهم: (أعطوني ردائي، فلو كان لي عدد هذه العضاة نعما لقسمته عليكم لا
بخيلا، ولا كذابا، ولا جبانا) [2]
وحدث أنس أنك عام حنين سألك
الناس، فأعطيتهم من البقر والغنم والإبل، حتى لم يبق من ذلك شئ فقلت: (ماذا
تريدون؟ أتريدون أن تبخلوني؟ فوالله ما أنا ببخيل، ولا جبان، ولا كذوب)، فجذبوا
ثوبك حتى بدت رقبتك[3].
وحدث سهل بن سعد قال: حكيت
لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم حلة أنمار صوف أسود، فجعل حاشيتها بيضاء، وقام فيها إلى
أصحابه، فضرب بيده إلى فخذه فقال: (ألا ترون إلى هذه ما أحسنها!) فقال أعرابي: يا
رسول الله بأبي أنت وأمي هبها لي، وكان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لا يسأل شيئا أبدا
فيقول: لا، فقال: (نعم)، فأعطاه الجبة[4].
ولم يقف كرمك ـ سيدي ـ بهذا الحد، بل كنت في حال عدم قدرتك
على العطاء تتكلف كل السبل لترضي من سألك، حتى لا يذهب إلا راضيا، وقد حدث عمر
قال: جاء رجل إلى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فقال: ما عندي شئ أعطيك، ولكن استقرض، حتى يأتينا شئ
فنعطيك، فقال عمر: ما كلفك الله هذا، أعطيت ما عندك، فإذا لم يكن عندك فلا تكلف،
فكره رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ذلك، حتى عرف في وجهه، فقال الرجل: يا رسول الله، بأبي
وأمي