اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 327
الجواد الكريم
سيدي يا رسول الله.. أيها الجواد الكريم الذي لا
يضاهيه أحد في جوده، ولا في كرمه.. وأنى له ذلك، وجودك شمل الأزمنة، ومدد فضلك
تعالى أن تحصره الأمكنة.. فنحن لا نزال نعيش في فيض كرمك ومددك.. فكل من أقبل عليك
أقبلت عليه بأنواع الإكرام والتفضل.
وكيف
لا تفعل ذلك سيدي، وقد قال الله تعالى عن أولئك الجاحدين الذين لم يعرفوا قيمتك: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [التوبة: 74]؟
وما
لك لا تكون كذلك سيدي، وأنت عبد الله الذي تجلى عليه الله بأسمائه الحسنى وصفاته
العليا، فتخلق بها، وتحققت فيه، فصار مرآة لها، وقبسا من نورها، وقد قلت معبرا عن
ذلك: (ألا أخبركم عن الأجود؟ الله الأجود، وأنا أجود ولد آدم، وأجودهم من بعدي رجل
تعلم علما فنشر علمه، يبعث يوم القيامة أمة وحده، ورجل جاهد في سبيل الله حتى
يقتل)[1]
وما
لك لا تكون كذلك سيدي، وأنت الذي كنت تعطي من سألك، وتبدأ من لم يسألك، ولا تحتفظ
في بيتك بدينار واحد.. وعندما دخلت على بلال الذي
وكلته بكل مال يحصل لديك، فوجدت عنده صبرة من تمر، قلت له: (ما هذا يا بلال؟)
فقال: تمر أدخره، فقلت: (ويحك يا بلال، أو ما تخاف أن يكون له بخار في النار؟ أنفق
يا بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا) [2]