اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 297
المؤدب الحيي
سيدي يا رسول الله.. يا من أدبك ربك، فأحسن
تأديبك، وهذبك فأحسن تهذيبك، فلم يكن لك معلم غير ربك، ولم تكن لك مدرسة غير
مدرسته.. لذلك كنت الأمي الذي لم يتعلم من بشر، وإنما تعلم من رب البشر، فصار لذلك
سيد البشر.
لقد قرأت القرآن الكريم، فوجدته يخاطبك
ويعاتبك ويعلمك، ليكون كل ذلك تأديبا وتهذيبا لنا.. لنرقى
إلى سموات القيم العالية والأدب الرفيع الذي بوأك الله إياه.
لقد قرأت قوله تعالى وهو يخاطبك: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ﴾ [الضحى: 6]، والتي
عقب عليها قوله: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾ [الضحى: 9]، فعلمت أن الله
تعالى ما أراد بجعلك يتيما إلا تأديبا لك لتشعر بالمستضعفين واليتامى، لأنك ستصير
الأب والسند الروحي لهم.
ولهذا
امتلأت أحاديثك ووصاياك بالحنان عليهم والرأفة بهم، فلا نجد من اهتم بهم مثلك، ولا
من أوصى بهم مثلما أوصيت بهم، فقد كنت تقول مخاطبا أصحابك، والأمة من بعدك: (خير
بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء
إليه)[1]
وكنت
تقول مخبرا عن فضل المسح على رأس اليتيم عطفا وحنانا ورحمة:(من مسح على رأس يتيم
لم يمسحه إلا لله كانت له في كل شعرة مرت عليها يده حسنات)[2]
وكنت
تعتبر الساعي عليهم كالمجاهد والقائم، فتقول:(الساعي على الأرملة