اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 287
المتواضع الأبي
سيدي يا رسول الله.. أيها المتواضع الذي جعلته عبوديته لله
قريبا من كل المستضعفين المظلومين المحتقرين.. فكان سندهم الذي به يفرحون، ومنه
يقتربون، فيستغنون بالاقتراب منه من كل أولئك الذين يستكبرون عليهم، ويذلونهم.
سيدي يا رسول الله.. يا من اخترت العبودية على الملك، والمسكنة على الترف،
ورضيت بأن تكون كالعبيد والفقراء والمساكين، تأكل كأكلهم، وتلبس كلبسهم، وتأوي إلى
بيت لا يختلف عن بيوتهم.. وتعيش مثلهم، لا بل دونهم، تجوع يوما وتشبع يوما.. فإذا
شبعت شكرت، وإذا جعت صبرت.
ماذا عساي أذكر من تواضعك، وأنت الذي رضيت بأن تضحي بالكثير من المكاسب
المرتبطة بدعوتك في سبيل أولئك العبيد والفقراء والمستضعفين الذين التفوا بك، فحال
التفافهم بك أولئك المستكبرين من الجلوس معك، أو الاستماع إليك.
سيدي.. ائذن لي أن أذكر بعض مشاهد تواضعك، لأرد بها على أولئك الذين لم
يعرفوك، فراحوا يرسمون صورا مشوهة عنك، هي أقرب إلى صور أبي سفيان وأبي جهل منها
إليك.. أولئك الذين اتبعوا دين البغاة والمحرفين، وتركوا الدين الذي أوصيتهم به،
دين عترتك الطاهرة، وأصحابك المنتجبين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا، وعاشوا حياة
التواضع والمسكنة التي أمرتهم بها إلى آخر أيام حياتهم.
لقد حدث بعضهم عنك يصفك، فقال: (كانت في رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم خصال ليست في الجبارين، كان
لا يدعوه أحمر، ولا أسود، إلا أجابه، وكان ربما وجد تمرة ملقاة فيأخذها، فيرمي بها
إلى فيه، وإنه ليخشى أن تكون من الصدقة، وكان يركب الحمار عريا،
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 287