responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 258

العفيف الزاهد

سيدي يا رسول الله.. أيها العفيف الزاهد.. الذي تزينت له الدنيا بكل محاسنها، وتعرضت له بجميع مباهجها.. فراح يعرض عنها بكل كيانه، مقبلا على ربه، منشغلا بما طوق به عنقه من أصناف التكاليف.

لقد رحت ـ سيدي ـ أتأمل حياتك، وكيف كنت تعيش في مكة التي كرمها الله بنشأتك فيها، والمدينة التي نورها الله بهجرتك إليها.. فوجدت حياتك وحدها أكبر دليل على نبوتك وعظمتك واصطفاء الله لك.. فحياتك ـ سيدي ـ في فترة الاضطهاد والحصار والمواجهة لا تختلف في أي شيء عن حياتك في فترة التمكين والقيادة.. ففي كليهما كنت الزاهد العفيف الذي يرضى بالعيش القليل الذي يربأ عنه الفقراء أنفسهم.

أصدقك ـ سيدي ـ أني مع تقديسي وتعظيمي لك، تألمت كثيرا لتلك الحياة التي كنت تعيشها، والتي اختلط فيها الجوع مع التعب مع أنواع المواجهات التي كنت تقابلها جميعا بصبرك الجميل، ورضاك عن ربك الذي لا حدود له.

ولم يكن ذلك سبب ألمي الوحيد؛ فأنا أعلم أنك تعيش في عوالم الجمال والكمال التي تجعلك ترى الدنيا كلها بصورتها الحقيقية الممتلئة بالزيف والخديعة.. لكني أتألم لأولئك المجازفين بهجرانك، المصدقين لدعاوى الحاقدين عليك.

ولو أنهم ـ سيدي ـ نظروا إلى حياتك المليئة بكل ألوان المشاق والمتاعب.. والتي كنت تأوي منها إلى بيتك البسيط الذي لا يختلف عن بيوت أفقر الفقراء والمساكين.. لو رأوا ذلك لكفاهم في الدلالة على صدقك.

فهل يمكن لمدع وكاذب ومخادع أن يبذل حياته جميعا مضحيا، ثم لا ينال من

اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 258
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست