responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 236

والده وولده)[1]

لقد رحت سيدي إلى موازين العقول أبحث فيها عن سر أمر الله لنا بحبك، وسر تقديم حبك على حب غيرك؛ فوجدت أن ذلك الحب المقدس الذي نتوجه به إليك هو المفتاح الذي نصل به إلى جميع أبواب السعادة، ومن أقصر طرقها.

ذلك أن الحب يستدعي الذوبان والفناء في المحبوب.. فتنتقل بذلك صفاته إلى المحب، ومن غير معاناة.. لأن حرارة الحب وحدها تتولى ذلك.

فلهذا حين يتوله أي شخص بحبك ـ سيدي ـ فإن كل تلك الخصال الجميلة التي وصفك الله بها، فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، تنتقل إليه بمقدار حبه لك.. فإن كان حبك قد طغى عليه، ففنى عن نفسه، فإنه يتحقق بتلك المشاكلة التي عبر عنها الله تعالى بقوله: ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ (التكوير:7).. وحينها ينال أعظم سعادة، ذلك أن الله تعالى ـ بعدله ورحمته ـ يضم القرناء بعضهم إلى بعض.. كما حدثت عن ذلك بقولك: (يقرن كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله)[2]، بل كما نص على ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: 69]

ولذلك كانت المعية نصيب كل من أحبك.. فلا يكفي أن يطيعك المرء من غير محبة.. ذلك أنه لا يتحقق له كمال الاتباع إلا بها..

ولذلك كان أسعد الناس بك أكثرهم حبا لك، ذلك أنهم ـ كما تشرفوا بصحبتك لقلوبهم في الدنيا ـ فسيتشرفون بصحبتك في الآخرة.


[1] رواه البخاري.

[2] انظر هذه النصوص في: الدر المنثور:8/429.

اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 236
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست