اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 183
مجاب الدعوات
سيدي
يا رسول الله.. يا صاحب الجاه العظيم، والمقام الرفيع الذي لا ترد معه الدعوات..
ولا تصد عنه الحاجات.. ولا تقف دونه الحجب.
لقد
بلغ قربك من الله تعالى إلى الدرجة التي لا تدعو فيها بدعاء إلا استجيب لك، ولا
تتمنى أمنية إلا تحققت، ولا ترغب في شيء إلا كان بين يديك؛ فلذلك كنت وسيلة
الصادقين إلى ربهم.. لعلمهم أن دعاءك لهم أقرب من دعائهم لأنفسهم.
وكيف
يكون دعاؤهم لأنفسهم أقرب إلى الله من دعائك، وقد قال الله تعالى عن دعائك: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ
كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: 63][1]
وكيف
يكون دعاؤهم أقرب إلى الله، وأنت الذي قال لك ربك: ﴿
وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 64]، وقد كان يمكن أن يدعوهم إلى الاستغفار
بأنفسهم لأنفسهم، لكنه طلب منهم العودة إليك، فاستغفارك لهم أجدى من استغفارهم
لأنفسهم.
ولذلك
كنت ـ سيدي ـ ملجأ السائلين في حياتك، وبعد وفاتك.. فكل من احتاج حاجة لجأ إليك،
وطلب دعاءك، أو توسل إلى الله بدعائك، أو توسل إلى الله بجاهك، أو لجأ إليك أن
تدعو له.. إلا أولئك المحجوبين الذين توهموا أن الموت قضى عليك، وأنه لم يعد لك من
الأمر شيء، وأن قربك من الله لن يتيح لك أن تلجأ إليه لإغاثة من
[1] هذا أحد الأقوال التي فسرت
بها الآية، فقد قال ابن كثير في تفسيره (6/ 89): أي: لا تعتقدوا أن دعاءه على غيره
كدعاء غيره، فإن دعاءه مستجاب، فاحذروا أن يدعو عليكم فتهلكوا. حكاه ابن أبي حاتم،
عن ابن عباس، والحسن البصري، وعطية العَوفي، والله أعلم.
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 183