بعد
أن ذكرت لهم هذه الآيات وغيرها، راحوا يصمون آذانهم، ويذكرون لي تلك الرواية التي
تتفق العقول على تنزيهك عنها.. وعندما أخبرتهم أنها منافية للقرآن.. ومنافية لحجج
العقول.. راحوا يتهمونني في ديني، وأنني أتجرأ على الحديث الذي رواه رجال كبار كالبخاري
ومسلم وأحمد وابن ماجة والنسائي والبيهقي وغيرهم[1].
وعندما
ذكرت لهم أن هؤلاء بشر، قد يخطئون وقد يصيبون، وأن الرواة الذين رووا عنهم، قد
يغفلون أو يتسرب إليهم المدلسون، فيدسوا في السنة ما ليس منها.. ولذلك كان الحكَم
هو القرآن الكريم.
عندما
ذكرت لهم هذا عبسوا، واعتبروني منكرا للسنة، مع أني أتعبد الله بقراءة أحاديثك،
كما أتعبد بقراءة القرآن الكريم.. وما نفيت من السنة إلا ما رأيته مخالفا لكتاب
الله، ومخالفا لكل تلك القيم التي جئت بها.. ولم أجز لنفسي أن أتبع راويا أو
مجموعة رواة، ثم أحطم من خلالهم كل تلك الثوابت التي رسخها القرآن الكريم في نفسي
عنك.
لم
يقبلوا هذا مني.. فقلت لهم: ألا تعلمون أن الله تعالى قال لنبيه a: ﴿
وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ
مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴾
[التوبة: 101].. ثم قلت لهم: ألا يمكن
[1]
الحديث رواه البخاري رقم (5766) في الطب، باب السحر، وباب هل يستخرج السحر، وباب
السحر وفي الجهاد باب هل يعفى الذمي إذا سحر، وفي الأدب باب قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالإِحْسَانِ﴾، ومسلم رقم (2189) في السلام، باب السحر، ورواه أيضاً أحمد
والنسائي وابن سعد والحاكم وعبد بن حميد وابن مردويه، والبيهقي في ((دلائل
النبوة)) وغيرهم.
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 132