اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 130
زكى
الله تعالى عقلك، فقال: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ
وَمَا غَوَى﴾ [النجم: 2]، فلذلك لم
يكن عقلك لينسى أو يغفل أو تعتريه تلك الأخطاء التي تعتري العقول.
وزكى
لسانك، فقال: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ
الْهَوَى﴾ [النجم: 3]، فلذلك لم
يكن لسانك إلا طاهرا في الرضا والغضب، وفي كل الأحوال، فقد تقدس أن يكون فاحشا أو
بذيئا أو مغتابا أو أن يقع فيما تقع فيه الألسن من أصناف الخطايا.
وزكى
فؤادك، فقال: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ
مَا رَأَى﴾ [النجم: 11]، فلذلك كانت
مداركك أدق المدارك، وعلومك أوثق العلوم..
وزكى
بصرك، فقال: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ
وَمَا طَغَى﴾ [النجم: 17]، ولذلك كنت
أعظم الناس أدبا، وأزكاهم خلقا..
وزكى
كل حركاتك في الدعوة إلى الله، فقال: ﴿قُلْ
هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي
وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾
[يوسف: 108]، ولذلك يستحيل أن يقع الخطأ في أي سلوك سلكته، أو دعوة دعوتها.
وزكى
أخلاقك، واعتبرها عظيمة، فقال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى
خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وهل هناك
شهادة أعظم من هذه الشهادة التي شهد لك بها ربك العظيم.
وهكذا
زكاك في كل جوانبك.. فصرت ممثلا للحقيقة والقيم الطاهرة أحسن تمثيل، ولولا ذلك
لاحتج المحتجون بأن الحقيقة والقيم أعظم من أن تنفذ، لأن من تنزلت عليه لم ينفذها
كما ينبغي أن تنفذ.
ولذلك
كانت الجرأة على عصمتك ليست جرأة على شخصك فقط، وإنما هي جرأة على القيم نفسها،
وكأن الله كلفنا بما لا نطيق..
وهي
جرأة على القرآن الكريم الذي تنزل عليك وحيه ومعناه، فصرت مثاله
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 130