responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 81

البناء.. فهل يعقل أن نؤمن بوجود القصر، ثم لا نؤمن بوجود المهندس الذي صممه، والبناؤون الذين قاموا ببنائه؟

إنهم ـ يا رب ـ إذا رأوا قصور الدنيا، حتى لو كانت خربة قد أكل عليها الدهر وشرب، يقرون بوجود أصحاب لها، ويعجبون بالمهندسين الذين صمموها، ويحفظونها في الآثار، ويكتبون عنها الكتب.. لكنهم يمرون على تلك القصور العجيبة الموجودة في خلايا أجسامهم، وفي كل شيء يحيط بهم، ثم لا يعيرونها أي اهتمام، وكأنها تملك من العقول ما يجعلها مستغنية عن المهندسين والمصممين والبنائين.

يا رب.. لو أنك لم تخلق في كونك جميعا سوى زهرة واحدة لكانت دليلا للعاقل يدله عليك، ويوصله إليك.. وكيف وأنت خلقت ما لا يعد ولا يحصى من المخلوقات، ومن كل الأنواع، وبكل الهيئات..

لكن عقل الجاحد يعرض عنك، ويظل يميز بين إبداعك وإبداع من يتوهم أنه إبداعهم من خلقك.. حيث ينسب إليهم كل ما يصلون إليه من اكتشافات لبعض بدائع صنعك، في نفس الوقت الذي يعمي عينيه عنك.

وهو يجادل في ذلك.. ولا يعلم أن جداله نفسه دليل عليك.. فمن أين لتلك المواد الكيميائية التي يتصور أن حركتها هي السبب في تحرك فكره القدرة على التفكير والجدل، وهي مجرد مواد ميتة لاعقل لها، ولا مشاعر، ولا أحاسيس.. وهل يمكن للموتى إذا اجتمعوا أن يشكلوا حياة ممتلئة بالإدراك والوعي والأحاسيس؟

وهكذا يمكنه أن يتساءل عن تلك الزهرة الممتلئة بالجمال، مع أنها صماء بكماء لا عقل لها.. فهل تملك أدوات الألوان، أو عبقرية الفنان، أو تلك المواد الكيميائية لتشكل نفسها بتلك الصورة الجميلة التي تجتمع فيها الألوان الباهرة، والروائح الذکیة،

اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 81
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست