responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 59

في أعناقهم، ولا بسطها، وإنما تنهاهم عن البخل والتبذير.. ولذلك لم يقل أحد من الفقهاء بتحريم قبض اليد أو بسطها.

وهكذا راحوا يفهمون قولك لإبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: 75]، على أن لك يدان حقيقيتان، وأنك مددتهما إلى طينة آدم، لتسويها، كما نسوي نحن الطين بأيدينها..

ويلهم أين عقولهم.. وهل يمكن لقداستك أن تحتاج إلى هذا، وأنت الذي لا تحتاج لأي وسيلة لتنفيذ أي مطلب مهما عز وعلا.. لقد قلت في كلماتك المقدسة تذكر ذلك: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]، وقلت:{وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: 50]

ويلهم.. ألم يقرؤوا قولك، وأنت تصف أعمال عبادك: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [آل عمران: 182]، فهذه الآية الكريمة واضحة في الدلالة على الأفعال مهما اختلف نوعها، وليس المراد منها حصر الحساب والعقاب على ما عملت الأيدي فقط.. بل يدخل فيها ما عملت الألسن والأرجل وكل الجوارح.

وهكذا يا رب راحوا يذكرون أنك تحتاج لعينين لتبصر بهما، مثلما يحتاج البشر إلى ذلك.. وقد جرهم لذلك انسياقهم وراء الكلمات والرموز، لا المعاني والحقائق، فقد قرأوا قولك: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ﴾ [القمر 14] وقولك: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا﴾ [هود 37]، وقولك: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ [الطور 48]، وبدل أن يفهموا منها جميعا ما يدل على عنايتك بعبادك الصالحين، وتكفلك بحاجاتهم، وحفظك لهم.. راحوا يجسمونك، ويذكرون أن لك عينين، وليس من فرق بينهما، وبين عبادك إلا في الشكل والكيفية.

اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست