responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 58

الحقائق والرموز

إلهي.. أيها القدوس المتعالي على كل شيء.. حتى عن تعريفنا به، ووصفنا له.

أعوذ بك من الجهل الذي يجعلني عبدا رقيقا للألفاظ، فأجعل منها شبكة لاصطياد الحقائق، فالحقائق أعظم من أن تصطاد بالألفاظ.. والحقائق أعظم من أن تعبر عنها تلك الرموز التي لم توضع لأجلها، وإنما وضعت لغيرها.

أعوذ بك يا رب أن يحصل لي ما حصل لأولئك الذين راحوا يعرفونك من خلال الألفاظ، فانتزعوا من عظمتك كل معاني القداسة، وشبهوك بخلقك، وجعلوا منك وثنا، لا إلها عظيما قدوسا متعاليا عن كل الأوهام والخيالات.

يا رب لقد راحوا لغفلتهم يذكرون أن لك يدين.. وأن فيهما أصابع.. وأنك تمسك بهما الأشياء.. وذلك عندما تركوا الحقائق الواردة في ذكرك لليدين في كلماتك المقدسة، وتشبثوا بالألفاظ..

لقد قرأوا قولك في الرد على اليهود الذين اتهموك بالبخل: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾[المائدة: 64]، وبدل أن يفهموا من الآية الكريمة الغرض الذي وردت من أجله، وهو نفي البخل عنك، راحوا يذكرون أنها تثبت لك صفة ذاتية يُطلق عليها اليد.. وأنها اليد الحقيقية.. وليس من فرق بين أيدينا ويدك إلا أننا نعرف أيدينا وشكلها، ولا نعرف شكل يديك.. تعاليت وتقدست عما يقولون علوا كبيرا..

ولو أنهم قرأوا معها قولك: ﴿لَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]، لعلموا أنك لا تنهاهم عن وضع أيديهم

اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست