اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 42
وهل الشاعر هو الذي ينتقي الألفاظ والأوزان
والقوافي والمعاني التي يخرج بها قصيدته.. أم أنها هي التي تفرض نفسها عليه؟
ويل لهم.. ولعقولهم القاصرة.. فلو تأملوا
قليلا في الكون، ورأو مظاهر التنوع فيه، وتأملوا في الأحياء، ورأوا كيف أن بعضها
يعيش في البحر، وبعضها يعيش في البر، وبعضها يطير في السماء.. وبعضها صغير جدا،
وبعضها كبير جدا..
ولو عادوا لموسوعات الحياة والأحياء لوجدوا
ملايين الأنواع التي تختلف في كل شيء..
فهل يعز على من خلق كل هذا، أن يحيي الخلق
بقوانين أخرى، وسنن جديدة، وهيئات هو الذي يختارها، أم أن القوانين التي وضعها أول
مرة، ستفرض عليه كل مرة؟
ويل لهم.. وويل لعقولهم القاصرة.. ألم يروا
إلى مبدأ خلقهم حين كانوا يسبحون كالحيتان في البحر، ثم فجأة خرجوا إلى الدنيا،
ليتنفسوا هواءها، ويتحولوا من كائنات بحرية إلى كائنات برية.. أيعجز الذي فعل هذا
بهم، أن يحييهم حياة جديدة، لا برية ولا بحرية؟ أم أن العقل لا يحتمل إلا الحياتين
فقط؟
ويل لهم.. ألم يعلموا أن الذي أبدع الزهور
الممتلئة بالأريج العطر، والفواكه الممتلئة بالمذاق الطيب، والطيور الجميلة صاحبة
الأصوات العذبة.. لن يعجز أن ينشئ جنة لعباده الصالحين تحوي أصناف الجمال ما رأوا
مثله وما لم يروا، جزاء لهم على صدقهم وصلاحهم؟
ويل لهم.. ألم يعلموا أن الذي خلق البراكين
والزلازل والحيات والعقارب لن يعجز أن يبني دارا ممتلئة بكل أصناف العذاب لأولئك
المجرمين المستبدين الظلمة الذين استكبروا عليه، وأذاقوا خلقه ألوان الهوان؟
اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 42