وأعوذ بك يا رب من أن أكون من أولئك
الذين يصيبهم الحرج لأوامرك أو أوامر رسولك، فيتسللون هاربين منها، متلاعبين بها..
أولئك الذين وصفتهم فقلت: { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ
مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ
تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]
وأعوذ بك يا رب أن أجعل لنفسي الحق في
الخيرة أمام أوامرك ونواهيك.. وكيف أفعل ذلك، وقد حذرتنا في كلماتك المقدسة من أن
نشرك بك نفوسنا وأهواءنا، فقلت: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا }
[الأحزاب: 36]
يا رب .. واهدني لما اختلف فيه من الحق
بإذنك.. حتى أهتدي إلى أوامرك ونواهيك.. كما هي .. وكما أنزلتها على رسلك.. وقبل
أن تغير عليها جحافل المبدلين والمغيرين..
وإن وقع يا رب أي خطأ مني في تنفيذ
أوامرك أو الانتهاء عن نواهيك، فاغفر لي تقصيري وتفريطي، واهدني إلى التقوى، حتى
لا أحوم حول حدودك، أو أتجاوز قدري بتجاوزها.
يا رب.. واجعلني أنفذ أوامرك كما ينفذها
المحبون لك.. لا كما ينفذها الخائفون أو الطامعون.. فإني وإن طمعت في فضلك، فهو
أعظم من أن يكون سببه أنا أو أعمالي.. بل سببه أنت وكرمك.
فأنى لأعمالي، ولو كثرت أن تستجلب لي
فضلك.. وأنا لم أعملها إلا بفضلك.. ولولا توفيقك وهدايتك لما عملت شيئا.
اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 149