اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 92
قد زال على نحو ما، ولكنه مع ذلك تحت
تصرفنا فالذاكرة لا تستحضر التجربة الماضية فحسب، بل تستحضرها بوصفها حدثا ماضيا،
وتستطيع ترتيبها من حيث صلتها بتجارب أخرى ماضية. بل إن الأدعى الى الدهشة هو
قدرتنا على أن نجعل أنفسنا نتذكر الشىء المنسى.صحيح أن الذاكرة تخوننا أحيانا فلا
نستطيع أن نتذكر اسم شخص ما، ولكننا نستطيع فى الغالب أن نحمل أنفسنا على تذكره
بالتركيز على أمور أخرى مرتبطة بذلك الاسم) [1]
وهكذا نحن نملك الخيال، وهو (ملكة حسية
داخلية أخرى نستطيع بواسطتها أن نتصور لا الأشياء المدركة بالحواس فحسب، بل
الأشياء التى لا تدركها هذه الحواس كجبل من ذهب أو فيل بحجم البرغوث، فالخيال،
بخلاف الذاكرة، يستخدم المعلومات الواردة من الحواس الخارجية الخمس بحرية وبطريقة
إبداعية) [2]
وهكذا نحن نملك القدرة على (الإحساس
بالعواطف، كالحب والغضب والفرح والخوف والأمل والرغبة والحزن، والتي تربطنا
بالعالم بطريقة أخرى مختلفة كذلك. فكل عاطفة تنشأ من فعل ملكة حسية، سواء كانت
حاسة خارجية كالخيال، أو الذاكرة فالغضب مثلا يثيره الإحساس بالضرر أو الإهانة
والخوف يحركه تخيل وقوع شر يتهددنا فى المستقبل والحزن يسببه الإحساس بألم حاضر أو
تذكر ألم مضى زمانه كذلك من طبيعة العاطفة أن يحس بها، بل إن العواطف تسمى أحيانا
أحاسيس لوثاقة صلتها بحاسة اللمس، ورغم ذلك، ومع أن الأحاسيس تسبب وتلازم على
الدوام كل عاطفة، فإن العواطف ذاتها ليست أفعالا تندرج تحت الإدراك الحسى. فالخوف
لا يدل على مجرد الإحساس بشىء ما، وإنما يدل على موقف أو رد فعل إزاء ذلك الشىء.
والعاطفة ليست عملية الإبصار، ولكنها رد