اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 82
وهكذا سرت آثار الرؤية القديمة على
الدراسات النفسية، فبعد فرويد ظهر المذهب السلوكي، الذي أسسه [جون ب. واتسن] الذي
حاز على درجة الدكتوراه في علم النفس من جامعة شيكاغو عام 1903.
فبعد أن قام واتسن بإجراء تجارب واسعة
النطاق على الجرذان والعصافير والقرود سعى إلى إرساء علم النفس كفرع موضوعي كلياً
من فروع العلم الطبيعي، ليس أحوج إلى ما سماه الاستبطان من علم الكيمياء أو
الفيزياء، على أساس أن السلوك، من بين جميع الأعمال التي يقوم بها الإنسان، هو
وحده القابل للمراقبة من الخارج بالتجارب الموضوعية. ففي رأي واتسن أن السلوك
وحده، لا الوعي، هو الموضوع الصحيح لعلم النفس.
وبناء على هذا أنكرت المدرسة السلوكية
العقل أصلاً، ورأت أن البحث فيه غير مجد، وتبعاً لذلك أكدت أن جسم الإنسان هو
الحقيقة الإنسانية الوحيدة، وأن من الواجب أن يستبعد (العقل) ومعه جميع بهارجه من
مجال العلوم.
وبذلك كانت المدرسة السلوكية أكثر
ايغالاً في المادية من علم النفس الفرويدي، وبذلك كان التحول عن مذهب فرويد إلى
المذهب السلوكي تقدماً في أفول نجم العقل.
وقد ذكر
واتسن أن أول خطوة كان عليه أن يتخذها كعالم نفسي ملتزم بالمنهج العلمي أن يسقط من
(مفرداته العلمية جميع العبارات الذاتية كالإحساس والإدراك والصورة الذهنية والرغبة
والغاية، بل التفكير والعاطفة لانطوائهما على تعريف ذاتي) [1]
ويضيف
قائلاً: (إن السلوكي لا يعترف بما يسمى السمات الذهنية أو النزعات أو الميول)
[2]
أما
جوانب العقل التي لا يمكن إنكارها فيتحتم أن تعرف من جديد بعبارات