اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 509
الصالح،
إلا أن الكثير راح يسيء إليه، وذلك بتحويله إلى ما تشتهيه النفوس الممتلئة بالإثم
والدنس وكل أنواع الشذوذ، لتحول من الجنة مرتعا لكل الأهواء المنحرفة، مع أنها دار
سمو وقداسة، وفيها يترقى الإنسان إلى مراتب الكمال المتاحة له.
وقد
ساعد على هذا الكثير من الروايات الدخيلة التي لم تعبر عن معاني النصوص المقدسة،
وإنما تعبر عن الأهواء والغرائز، التي لا تختلف كثيرا عن تلك الغرائز التي صاغت
كتب الأدب المكشوف وغيرها.
ولهذا
كان هذا الجانب مثار شبهات كثيرة، نحاول الرد عليها هنا، لا من خلال ذكرها وتشويه
الحقائق بها، وإنما من خلال ما دلت عليه النصوص المقدسة نفسها، فعرض ما ورد فيها
كاف وحده للدلالة على بطلان كل تلك الشبهات، لأن مصدرها ليس النصوص المقدسة، وإنما
تلك الروايات الدخيلة، أو تلك الأهواء المفسرة للنصوص.
وقبل
أن نذكر ذلك ننبه إلى أن ما ورد في القرآن الكريم من أصناف النعيم ليس المقصود منه
الحصر، وإنما المقصود منه إعطاء النماذج والأمثلة، وخاصة تلك التي يكون لها دورها
التربوي والسلوكي.
ولهذا
نرى القرآن الكريم يراعي الأعراف الاجتماعية الموجودة في كل المجتمعات المحافظة،
والتي تستحيي من ذكر بعض الجوانب المرتبطة بالنساء في هذا الجانب، ولهذا لا معنى
لذلك الإشكال الذي ذكره بعضهم من أن القرآن الكريم يفرق بين الرجال والنساء في
الجنة، وأنه لذلك وفر للرجل من النعيم ما لم يوفره للمرأة، وضرب المثل على ذلك بـ
[الحور العين]، متسائلا عن سر وجود حور عين للرجال، وعدم وجود حور عين للنساء،
ورأى أن ذلك تفريقا بين الذكر والأنثى، وأن النعيم في الجنة خاص بالذكور لا
بالإناث.
وقد
راح بعضهم يعالج هذا الإشكال بالاحتيال على النصوص الشرعية وتحويلها عن معانيها،
رغبة في رد الشبهة، ولو بالاحتيال، ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره بعضهم من
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 509