وهذا كله يدل على أهمية تلك العيون، وأنواع
الشراب الذي يخرج منها، وإن كان القرآن الكريم ذكر بعض ما يعرف من ذلك الشراب
لتقريب الصورة إلى الأذهان، وإلا فإن الأمر أعظم بكثير، كما قال مكارم الشيرازي: (يتحدث
القرآن عن الشراب الطهور الممزوج بالزنجبيل، ومن البديهي أن الفرق بين هذا الشراب
وذلك الشراب كالفرق بين السماء والأرض وبالأحرى بين الدنيا والآخرة، والجدير
بالذكر أن العرب كانوا يستخدمون نوعين من الشراب: أحدهما يبعث على النشاط والحركة،
والآخر مفتر ومهدىء والأول يمزج مع الزنجبيل، أما الثاني فمع الكافور، وبما أن
حقائق عالم الآخرة لا يمكن أن يعبر عنها في إطار ألفاظ هذا العالم، فلا سبيل إلا
استخدام هذه الألفاظ للدلالة على معان أوسع وأعلى تحكي عن تلك الحقائق العظيمة.
ولفظ «الزنجبيل» غالبا ما يطلق على الجذر المعطر للتوابل الخاصة للأغذية والأشربة،
وإن كانت الأقوال مختلفة في معناه)[1]
ويذكر القرآن الكريم أن من الرفاه الموجود في
الجنة تنوع الأنهار، والتي لا تكون مملوءة بالمياه مثل أنهار الدنيا، وإنما تملأ
بكل أصناف الشراب اللذيذ، ومنها ما عبر عنه قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ
الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ
وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ
لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ
كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ
وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [15]﴾ [محمد: 15]
ويذكر القرآن الكريم أصالة ذلك الشراب، وعدم
وجود أي غش أو أذى فيه، مثلما