اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 48
من أكبر الحاجات التي يشعر الإنسان
بضرورتها.. ولولاها لكانت الحياة عبثا، ولا معنى لها.
وهو برهان يدل ـ من طريق آخر ـ على إرسال
الله الرسل، وإنزال الكتب الشارحة لحقائق الوجود، وقوانين الحياة، ولذلك يستدل
المتكلمون بهذا الدليل على النبوات، كما يستدلون به على وجود الله.
وهو بذلك، وفي كل الأحوال يدل على ضرورة
تكميل هذه الحياة بحياة أخرى، تسد نقصها، وتوفر كل الحاجات التي افتقرت إليها هذه
الحياة.
ولذلك نرى القرآن الكريم يربط بين عناية الله
بعباده في الدنيا، وبين الحديث عن الآخرة، ليذكر أن رب الدنيا هو رب الآخرة، وأن
الذي استطاع أن يوفر كل هذه الأقوات في الدنيا، لن يعجز عن توفيرها في الآخرة..
وأن الذي وفر الحياة الأولى لن يعز عليه أن يوفر الحياة الأخرى.
ومن الأمثلة على ذلك ما ورد في سورة النبأ،
والتي تتحدث عن اليوم الآخر باعتباره من القضايا التي وقع فيها الخلاف، فبعد تقرير
ذلك الخلاف في اليوم الآخر بدأت الآيات الكريمة مباشرة في الاستدلال بالعناية
الإلهية على وجود الحياة الأخرى، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ
مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8)
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)
وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا
(12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ
مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ
أَلْفَافًا ﴾ [النبأ: 6 - 16]
وبعد هذه الآيات الكريمة التي تضمنت مجامع
النعم التي أنعم الله بها على عباده،
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 48