اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 475
33، 34]
وبناء عليها، فإنه إن اشتهى أحد من أهل الجنة
سكنى الشواطئ، أو الجبال، أو غيرها من البيئات حتى البيئات
الجليدية.. فكل ذلك يمكنه أن يتحقق له بكل سهولة، ولا يحتاج لذلك سوى أن يهم
ويشتهي أن يعيش في مثل تلك البيئة؛ فإذا به يعيش فيها.
وقد ذكرنا هذا بناء على أن البعض راح يعترض
على ما ورد في النصوص المقدسة من أوصاف الجنة، وكونها مملوءة بالشجر الكثير
الملتف، وأن هذا ربما يناسب هوى سكان البيئات الصحراوية الجافة الذين يفتقدون إلى
مثل هذه المناظر في الدنيا.. وأن النصوص المقدسة بذلك تراعي تلك البيئات، ومن يعيش
فيها من الناس دون غيرهم.
وهذا وهم ناتج عن عدم فهم لغة القرآن الكريم
أو الأحاديث الصحيحة المرتبطة بهذا الجانب، فهي لا تذكر الحقيقة بجميع صورها
ومظاهرها، لاستحالة ذلك، وإنما تصور بعض مشاهدها، لتحريك النفوس للشوق إليها،
والاستفادة من توجيه ذلك الشوق للعمل الصالح.
ولذلك إن شاء شخص ما أن يعيش في بيئة أخرى،
فله ذلك، ولا يحتاج سوى لأن يوفر من العمل الصالح ما يعطيه القوة على توفير كل ما
يشتهيه، لأن النعيم هناك مرتبط بما حصله صاحبه من قوى وملكات في الدنيا.
ولكن مع ذلك، ولو عدنا لأكثر نفوس البشر؛
فإنا نجد أن تلك الأوصاف الواردة في القرآن الكريم عن مناخ الجنة وتضاريسها مما
يرغب فيه أكثر الخلق، ولا يبغون عنه أي بدل.
فالقرآن الكريم يذكر أن الجنة هي مجموعة من
البساتين المتنوعة المملوءة بالأشجار، والتي تجري من تحتها الأنهار، كما قال
تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ
لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [البقرة: 25]،
وقال: ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 475