responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 472

الذي نعيش به في الدنيا، له حقيقة في ذاته، وليس مرتبطا ارتباطا ضروريا بالنفس، ولذلك يعود بعد انتهاء استعمال النفس له إلى وضعه الطبيعي، ترابا مثل سائر التراب.

وقد قال عند حديثه عن ماهية بدن الإنسان في حال الطفولة، وفي حال الشباب، وفي حال الشيخوخة، وهل هي باقية بعينها، أم أنّها قد تغيرت وتبدلت: (الجواب: بلا، وبنعم، کلاهما صحيح ؛ إذ کلٌّ من السلب والإيجاب صادق بوجه دون وجه، فهو من حيث هو بدن زيد شخصي ذو نفس شخصية، صح أنه هو بعينه ذلک البدن بلا تبدل إلا في عوارض هذا المعنى، بما هو المعنى، ومن حيث إنّه جسم له طبيعة جسمية ـ مع قطع النظر عن ارتباطه بأمر آخر ـ فهو في کل سنة غير الذي کان في السنة الأخرى، بل في کل ساعة ولحظة هو غير الذي کان وسيکون ؛ لکونه دائماً في التحلل والذوبان.. فإذا أحکمت هذا، فاعلم أنه إذا فرض تبدل هذا البدن بالبدن الآخر مع بقاء النفس فيهما صح قولک، بأن أحدهما بعينه هو الآخر، وصح اعتقادک بأن ما يرى في المنام بعينه هو هذا البدن المتعين ولا عبرة بتبدل المواد والخصوصيات، فکل من يرى ببصره القلبي نفس الرسول الأعظم a مع أي تمثل کان، فقد رأي صورة ذاته بعينه ؛ إن العبرة بتعين الشيء هو نفسه وصورته مع أي مادة کانت، والبدن بمنزلة الآلة المطلقة للنفس، فقد روى عن النبي الأکرم a: (من رآني في المنام، فقد رآني فان الشيطان لا يتمثل بي)[1])[2]

ثم علل ذلك بقوله: (الآلة من حيث هي آلة إنما تتعين بذي الآلة، وکذا المادة في وجودها في غاية الإبهام، وإنما تتعين بالصورة وتستهلک فيها، ولهذا تکون شخصية زيد تعيّنه باقياً مستمراً من أول صباه إلى آخر شيخوخته، مع أن جسميته مما تبدلت وتجددت


[1] رواه البخاري ، 9/42..

[2] تفسير القرآن الکريم ، صدرالمتألهين، ج 5 ، ص 347.

اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 472
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست