اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 434
ولهذا يصف الله تعالى الجنة بكونها دار
الرضوان التي يعشقها أهلها، ولا يبغون عنها أي بديل، قال تعالى: ﴿ إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ
الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾
[الكهف: 107، 108]
ونحسب ـ والله أعلم ـ أن تلك الحركة التي
كانت في الدنيا، والتي يترقى فيها الإنسان من مرتبة إلى مرتبة، ستظل هناك أيضا،
لأنها من مقتضيات ربوبية الله لعباده، ولذلك قد يترقى أهل الجنة بحسب مواقفهم
وسلوكاتهم والاختبارات التي يتعرضون لها، فينزلون مراتب أعلى من المراتب التي
كانوا فيها، وكل ذلك مما ينفي السأم والملل.
وقد أشار رسول الله a إلى بعض هذه المعاني في قوله:
(إن في الجنة لسوقا ما فيها شراء ولا بيع إلا الصور من الرجال والنساء، فإذا اشتهى
الرجل صورة دخل فيها)[1]
وفي رواية: (إن لأهل الجنة سوقا، يأتونها كل
جمعة، فيها كثبان المسك، فإذا خرجوا إليها هبت الريح؛ فتملأ وجوههم وثيابهم
وبيوتهم مسكا، فيزدادون حسنا وجمالا، قال: فيأتون أهليهم فيقولون: لقد ازددتم
بعدنا حسنا وجمالا، ويقولون لهن: وأنتم قد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا)[2]
ولذلك
فإن نعيم الجنة متجدد، ولا نهاية لتجدده، ذلك أن قدرة الله المطلقة، وإبداعه
العظيم لا نهاية له، ولذلك يعيش أهل الجنة في كل لحظة سعادة جديدة، وكيف لا يشعرون
بذلك، وهم دائمو التواصل مع الله.