اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 429
بصيغ مختلفة.
2 ـ الرضى والسخط:
من أنواع الجزاء المعنوي التي يجازي الله
تعالى بها عباده في دار الجزاء، سواء كانوا من المحسنين أو المسيئين مشاعر الرضى
وما يتبعها من الطمأنينه والسلام، ومشاعر السخط، وما يتبعها من الحسرة والأسف
والاضطراب، وكل أنواع الصراع النفسي.
وهذا الجزاء متوافق تماما مع أنواع الأعمال
والملكات التي ترسخت في نفوس كلا الصنفين، ولذلك كان جزاؤهما متوافقا تماما مع تلك
الملكات والأعمال، وقد ورد في الحديث ما يشير إلى هذا، فقد قال a:
(إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب
قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)[1]
ولذلك فإن كل ما نراه من ألوان البلاء، مما
يتوهم البعض أنه شر، هو في الحقيقة بلاء إلهي القصد منه تمحيص الصادقين من غيرهم،
كما ضرب بعض المشايخ المثل على ذلك لمريديه، عندما زاروه في مرضه، وكان قد جمع بين
يديه حجارة، فقال: من أنتم؟ فقالوا: محبوك، فأقبل عليهم يرميهم بالحجارة؛ فتهاربوا،
فقال: (ما بالكم ادعيتم محبتي، إن صدقتم؛ فاصبروا على بلائي)
وهذا
المعنى هو ما يدل عليه قوله تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا
أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت:2)، فقد أخبر
تعالى أن من مقتضيات ادعاء الإيمان الابتلاء حتى يعلم الصادق من الكاذب، ومن يؤثر
الله، ومن يؤثر هواه.ولهذا يقترن الجزاء الإلهي بالرضى، باعتباره أكبر دليل على صدق الإيمان، قال
تعالى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ
وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ