اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 408
الشفيع، وتعظيمه ومحبته.. وبذلك يستقيم الأمر
مع العدالة الإلهية؛ فالذي عاش حياته كلها محبا لرسول الله a ذابا عن دينه، حريصا على
قيمه.. لكنه ـ كبشر يخطئ ويصيب ـ يقع في بعض الخطايا والهفوات.. التي يحتاج أن
يطهر منها.. والتي يستحق العقوبة بسببها.. وهنا تكون الشفاعة.. لا الشفاعة
المطلقة.
وهي تشبه في ذلك ذلك التلميذ الذي لا يحول
بينه وبين النجاح إلا بعض النقاط القليلة، وحينها قد يتدخل بعض الأساتذة لإنقاذه،
فيشفع له، ويزكيه.. لأخلاقه أولا.. ولكون تقصيره محدودا ثانيا.
وهذا المعنى هو الذي أشار إليه رسول الله a
في الحديث الذي رواه ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول الله، فآتيه
بوضوئه وبحاجته، فقال لي: اسألني، فقلت: إني أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أو غير
ذلك، قلت: هو ذاك، قال: (فأعني على نفسك بكثرة السجود)[1]
فالنبي a طلب أن يعينه على نفسه لتتحقق
شفاعته له بمرافقته في الجنة.. فالشفاعة تقتضي الجانبين جميعا الشافع والمشفوع..
بالإضافة إلى أن هذا الرجل لم يطلب شفاعة رسول الله a بمرافقته في الجنة إلا لحبه
الشديد له.. فهو لم يطلب الجنة بذاتها، وإنما طلب مرافقة رسول الله a
فيها.
وهكذا ورد في الحديث (يا معشر قريش اشتروا
أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف، لا أغني عنكم من الله شيئا.
يا عباس بن عبد المطلب، لا أغني عنك من الله شيئا. ويا صفية عمة رسول الله a،
لا أغني عنك من الله شيئا. ويا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك
من الله شيئا)[2]
[1]
رواه مسلم (2/52) (489)، وأبو داود رقم (1320) ، و النسائي 2 / 227.