اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 370
بناء
على هذا كان أمر الموازين المرتبطة بالأعمال والأجور أيسر من السراط، ذلك أن الله
تعالى برحمته وضع الكثير من الفضل والرحمة في تلك الموازين، ما لم تتعلق بحقوق
الغير.
ومن
الأمثلة على ذلك ما ورد في الحديث من قوله a: (إن الله يستخلص رجلا من
أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل مد
البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً، أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب،
فيقول: أفلك عذر؟ فقال: لا يا رب فيقول: بل إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك
اليوم، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله،
فيقول: أحضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا
تظلم.. قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة،
فلا يثقل مع اسم الله شيء) [1]
ففي
هذا الحديث إخبار من رسول الله a عن سعة فضل الله في هذه الموازين، وأن الحسنات التي اكتسبها الإنسان في
الدنيا، يمكنها أن ترفع الكثير من السيئات ما لم تكن متعدية، أو لها جذور في
النفس.. كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ
عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا
إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: 119]، وقوله: ﴿إِنَّمَا
التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ
يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ
عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ
السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ
الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا
أَلِيمًا﴾ [النساء: 17، 18]
فهذه
الآيات الكريمة تبين أن السيئات التي عملها الإنسان بجهالة، ومن غير أن