اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 360
وقبل
أن نذكر ذلك ننبه إلا أننا لا نقول هذا من باب استغراب أن يكون هناك ميزان له
كفتان في الآخرة، وتكون له القدرة على ما وصفه القرآن الكريم من الوزن، بمختلف
أشكاله، ذلك أن قدرة الله تعالى لن تعجز عن خلق مثل هذا الميزان، ولكن نقوله من
الباب الذي تعرضه النصوص المقدسة نفسها، والتي لم تضع هذه الصورة للميزان، وإنما
اكتسبت تلك الصورة من بعض الأحاديث، والتي ـ إن صحت ـ يكون المقصود منها تقريب
الصورة، أو يكون الراوي قد رواها بالمعنى.
فهذه
الآية الكريمة لم تصف الميزان إلا بالدقة العالية، وكونه لا يبخس أحدا حقا من
حقوقه، كما أنها ذكرت أنه لا يوجد ميزان واحد، بل موازين متعددة، أي أن لكل شيء
ميزانه الخاص به.. فللصبر ميزانه.. وللكرم ميزانه.. وللإيمان ميزانه.. وغير ذلك،
مثلما نجد في الدنيا الموازين المختلفة لكل المقادير المشكلة للبناء الكوني أو
الجسدي أو غيرهما.
وهكذا
ورد في القرآن الكريم وصف الميزان بكونه يخضع لمعايير الحق، وأنه على أساسها يكون
التمييز، كما قال تعالى:﴿ وَالْوَزْنُ
يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ﴾ (لأعراف:8)، وقال:﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (المؤمنون:102)