اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 34
وإثبات وجود إله، وبتلك الصفات التي يدل
عليها العقل، وتدل عليها المظاهر
الكونية التي نراها كافية لإثبات المعاد،
ومن جهات عقلية عديدة.
وهكذا فإن إثبات رسالات الأنبياء عليهم
السلام قائمة أيضا على أدلة عقلية كثيرة، ولذلك فإن قبولهم يستدعي قبول كل ما
جاءوا به، ومن أهم ما جاءوا به، واتفقوا عليه، إثبات الحياة بعد الموت، والكثير
مما يرتبط بتلك الحياة.
لقد
ذكر القرآن الكريم ذلك، واعتبر هذه المسألة من أهم المسائل بعد الإيمان بالله
تعالى، ولهذا يقترن دائما الإيمان بالله بالإيمان باليوم الآخر، باعتبارهما
الشطران الكبيران للعقيدة التي جاء بها جميع الأنبياء.
ولهذا
كان من أول وظائف الرسل عليهم السلام التبشير والإنذار، وهما وظيفتان مرتبطتان
بمصير الإنسان بعد موته، قال تعالى مخبرا عن خطاب خزنة جهنم لأهلها: ﴿
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا
فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ
مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ
يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى
الْكَافِرِينَ﴾ [الزمر: 71]
وهكذا
أخبر القرآن الكريم أن كل الأنبياء كانوا يعلمون بالمعاد، ويخبرون أقوامهم به، وفي
ذلك رد بليغ على من يتوهمون تطور العقائد، فقد حدثنا الله تعالى عن أب البشرية آدم
عليه السلام، وقوله له: ﴿ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ، قَالَ فِيهَا
تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ [الأعراف: 24]،
وأخبر أن إبليس كان يعلم أن هناك معادا للخلائق، فقال: ﴿ رَبِّ
فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى
يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر: 36 - 38]
وأخبر
عن نوح عليه السلام، وأنه قال لقومه أثناء تبليغ رسالة الله لهم: ﴿ وَالله
أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ
إِخْرَاجًا﴾ [نوح: 17 - 18]
وأخبر
عن إبراهيم عليه السلام ـ وهو النبي الذي تتفق على تبجيله جميع الديانات
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 34