اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 336
على
ما عملت يده، أو كان له سبب فيه؛ فلا يحاسب على ما هو خارج عن قدرته، كما قال
تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا
كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: 286]، وقال: ﴿ لَا
يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: 7]
وهكذا
فإنه لا يحاسب على ما عمل غيره، إن لم يكن له علاقة به، كما قال تعالى:﴿
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا
لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [فاطر: 18]، وقال: ﴿مَّنِ
اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ
عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ
حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ [الإسراء:15]
بناء
على هذه المعايير يكون الحساب في ذلك الموقف، ولذلك يتاح لكل شخص أن يبرر أعماله
بما يراه مناسبا، وقد لا يبرر ذلك، ويقر بذنبه، ويعترف به، وبكونه يستحق أي حكم
يصدر عليه.
وبذلك
فإن الحساب ليس من تجليات العدالة الإلهية فقط، وإنما هو من تجليات ربانيته تعالى،
والتي من مقتضياتها تربيته لعباده، والسير بهم نحو مراتب الكمال التي هيئوا لها،
وذلك بإخراجهم من ظلمات نفوسهم إلى نور الحق.
وقد
أشار إلى هذا المقصد الجليل من مقاصد الحساب الشيخ جعفر السبحاني، فقال: (لا محيص
عن كون الداعي إلى المحاسبة شيئاً آخر، وهو إراءة عدله وجوده وحكمته عند المحاسبة،
فلو عفا فلجوده وكرمه، وإن عذّب فلعدله وحكمته، فمحاسبته تبارك وتعالى كابتلاء
عباده، فإنّ الهدف من الابتلاء ليس هو الوقوف على ما يَكْمُن في نفوس العباد من
الخير والشر، بل الغاية إكمال العباد وتبديل طاقات الخير إلى فعليته)[1]
وبناء
على هذا المقصد، فإن هناك من لا يحتاج إلى الحساب، إما لكونه قد طهر في