اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 278
إلا
أنها لا تتفق مع العدالة المطلقة، ومن
الروايات التي يروونها في هذا المجال أن رسول اللهa قال يحكي رؤيا رآها:(فأتينا على روضة معتمة فيها من
كل لون الربيع وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولا وإذا حول
الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط) ثم قال:(وأما الولدان حوله فكل مولود مات على
الفطرة) فقال بعض المسلمين:(يا رسول الله وأولاد المشركين)، فقال رسول الله a:(وأولاد المشركين)[1]
ولهذا
فإن أرجح الأقوال في المسألة، والذي وردت به الرواية في مصادر الفريقين، هو إعطاء
الفرصة لهؤلاء لاختبار تمحص به حقائقهم، وتبلى به سرائرهم؛ فهذا القول ينسجم مع
عدالة الجزاء، وقد تجمع على أساسه النصوص المختلفة.
ومن
أحسن تلك الروايات ما روي عن الإمام الباقر أنه قال: (إذا كان يوم القيامة احتجّ
الله عزّ وجلّ على سبعة: على الطفل، والذي مات بين النبيّين، والشيخ الكبير الذي
أدرك النبيّ a وهو لا يعقل، والأبله، والمجنون الذي لا يعقل، والأصم، والأبكم،
كلُّ واحدٍ منهم يحتجّ على الله عزّ وجل، قال: فيبعث الله عزّ وجل إليهم رسولاً
فيؤجّج لهم ناراً ويقول: إنّ ربّكم يأمركم أن تَثِبوا فيها، فمن وثب فيها كانت
عليه برداً وسلاماً، ومن عصى سِيقَ إلى النّار)[2]
أما الروايات
الواردة في المصادر السنية، فهي مع إقرارها بالامتحان والاختبار الإلهي لهم، إلا
أنها تخلط ذلك بالجبر، وبكونهم يدخلون النار جميعا، ولذلك نرى أن تلك الأجزاء من
تصرف الرواة، ومن الأمثلة عليها ما رووا أن النبي a قال:(أربعة يمتحنون يوم
القيامة: رجل أصم لا يسمع، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في الفترة، أما الأصم
فيقول:(يا رب قد جاء الإسلام وما أسمع شيئا) وأما الأحمق فيقول:(يا رب قد جاء
الإسلام والصبيان يرمونني بالبعر) وأما الهرم فيقول:(يا رب قد جاء
[1]
رواه البخاري 12 / 385 و 386 و 387 و 388 ومسلم رقم (2275).