اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 277
وغيرها من الأقوال التي قيل بها بسبب
الحرص على الرواة، لا على القيم التي جاء بها القرآن الكريم، ودعا إلى تفعيلها في
كل شيء.
بناء على هذا، فإن كل الأحاديث التي تخالف العدالة
والرحمة الإلهية تخالف القرآن الكريم، وبذلك لا يمكن قبولها، ومنها ما رووه من
احتجاج الجنة والنار، وأن الله تعالى ينشئ للنار خلقا يسكنهم إياها، وهذا الحديث غير محفوظ به الصيغة، بل لفظه الصحيح، هو قوله a:(تحاجت الجنة
والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين؛ وقالت الجنة: مالي لا يدخلني
إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟ قال الله عزَّ وجلَّ، للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء
من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما
ملؤها. فأما النار فلا تمتليء حتى يضع رجله فيها فتقول: قط قط فهنالك تمتليء
وينزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عزَّ وجلَّ من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن الله
عزَّ وجلَّ ينشيء لها خلقاً آخر)[1]
ولو
فرضنا صحة ما استدلوا به،أو فرضنا أن المراد بالرجل في الحديث خلق من خلق الله،
فقد يكون لهذا الخلق خاصية التنعم بالنار، فتكون جهنم نعيما لهم، أو أن لا يكون
لها أي تأثير عليهم، كما أنه ليس لها أي تأثير على خزنة جهنم وزبانية النار.
ومما
استدلوا به كذلك قوله تعالى:﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ
ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ
مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾
(الطور:21)، فقاسوا ذرية الكافرين بذرية المؤمنين، وهو قياس
غير صحيح؛ فليست هناك أي علة يمكن الرجوع إليها في هذا، والقياس لا يصح في الغيبيات.
ومثل
ذلك تلك الأقوال التي تذكر أنهم في الجنة، فهي وإن اتفقت مع الرحمة الإلهية