اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 272
د ـ الابتلاء
والاختبار:
من أهم
تجليات العدالة الإلهية في أرض المحشر ما وردت الإشارة إليه، بل التصريح به في
نصوص كثيرة حول تلك الابتلاءات والاختبارات التي تجري لهم، بغية تصنيفهم وتمحيصهم،
وربما يدخل فيها أيضا تربيتهم وتطهيرهم، مثلما حصل ذلك في البرزخ، ومثلما يحصل في
كل المواقف بناء على ربانية الله، وتربيته لعباده لإخراجهم من الظلمات إلى النور.
ولذلك
كان طول تلك الفترة، واختلافه باختلاف الأعمال، مبنيا على هذا الأساس، أو هو
اعتبار من الاعتبارات المقصودة بالأصالة، مثلما يحصل في نشأتنا هذه من مكوث بعض
الطلبة أثناء الامتحان بحسب تحضيرهم لها.. فبعضهم يكتفي بالدقائق المعدودة، وبعضهم
لا تكفيه الساعات الطويلة مع أن الامتحان واحد، وقد تكون إجابة الذي أنهى مبكرا
أفضل من الذي تأخر في خروجه.
ولعل
تلك الآيات الكريمة التي تبين أن التمييز القطعي في القضايا المختلف فيها يؤجل إلى
يوم القيامة يقصد به هذا المحل، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ الله
بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ
تَخْتَلِفُونَ﴾ [النحل: 92]
ومثله
ما أخبر به عن الاختلاف الحاصل بين الشرائع، كما قال تعالى ﴿وَأَنْزَلْنَا
إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ
وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله وَلَا تَتَّبِعْ
أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً
وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ
لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى الله
مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾
[المائدة: 48]
ومثله
ما أخبر به عن الاختلاف الحاصل بين العقائد، كما قال تعالى في شأن المسيح عليه
السلام، والخلاف العقدي الذي وقع حوله: ﴿ إِذْ قَالَ الله يَاعِيسَى إِنِّي
مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 272