اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 257
وقد ورد ما يدل على أن كل أمة تقف
كالطوابير بين يدي حوض نبيها، فلا يمر إلا من كان حقيقا بذلك، ففي الحديث، قال
رسول الله a: (بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم
فقال: هلمَّ، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله ! قلت: وما شأنهم؟قال: إنهم ارتدوا
بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم
فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله ! قلت ما شأنهم؟ قال إنهم ارتدوا بعدك
على أدبارهم القهقرى ! فلا أراه يخلص منهم إلا مِثْلُ هَمَل النَّعَم)[1]
وقد
أخبر a
أن هذا الحوض يشمل جميع الصادقين من أمته، وفي جميع الأزمنة، وهو ما يؤكد أن معية
رسول الله a مستمرة في الأمة، وليست خاصة بزمان معين، ففي الحديث أن رسول الله a أتى المقبرة فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم
لاحقون وددت أنا قد رأينا إخواننا) قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: (أنتم
أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد)، فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا
رسول الله؟ فقال: (أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا
يعرف خيله؟)، قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء،
وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم:
ألا هلم؛ فيقال إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا)[2]
وقد كان الأصل في هذه الأحاديث، وما تحمله من
التحذير عن مخالفة هدي رسول الله a، مدعاة للتقوى والورع والحرص
على الاتباع الصحيح لرسول الله a، والحرص على وحدة الأمة، لكنها
للأسف صارت مدعاة للتفرقة والتباهي، كما عبر القرطبي عن ذلك، وهو يحكي تلك التعاليم
الطائفية التي استفادها من أساتذته: (قال علماؤنا رحمهم الله