اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 255
ولذلك تعرف الأمم حينها بأنبيائها وأئمتها
وهداتها، كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ
فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا
يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [الإسراء: 71]
وقد ورد في الحديث ما يشير إلى هذا التصنيف،
وكيفيته، فقد قال a: (عرضت علي الأمم، فجعل النبي والنبيان يمرون معهم
الرهط، والنبي ليس معه أحد، حتى رفع لي سواد عظيم، فقلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل:
بل هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأفق، فإذا سواد عظيم قد ملأ الأفق، ثم قيل لي:
انظر هاهنا وهاهنا في آفاق السماء، فإذا سواد قد ملأ الأفق، قيل: هذه أمتك، ويدخل
الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب)[1]
لكن هذا الانتماء، كما ورد في النصوص، ليس
مثل الانتماء في الدنيا، والذي يكفي فيه ذلك الإيمان الوراثي، بل يميز الناس فيه
على أساس اتباعهم الصادق لرسلهم، ولهذا يخرج من أتباع الرسل الكثير من الذين حرفوا
وبدلوا.
وقد ورد في الحديث ما يشير إلى هذا، ويشير
معه إلى أنواع من الفضل تتاح في ذلك الموقف لأتباع الأنبياء الصادقين، وهو ذلك
الشراب العظيم الذي يتلقونه من أيدي أنبيائهم وورثتهم جزاء لهم على إخلاصهم وصدق
اتباعهم، قال رسول الله a: (إن لكل نبي حوضا، وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة، وإني أرجو أن أكون
أكثرهم)[2]
وقد
ورد في أحاديث كثيرة وصف حوض رسول الله a، وآنيته وشرابه، وغير ذلك،
وكلها من التقريبات التي تبسط الأمر لعقولنا، لأن الحقيقة أعظم من ذلك، ومن تلك
الأحاديث قوله a: (حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء ماؤه أبيض من اللبن،
وريحه