اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 220
وكما أشار إليه ما كان يفعله المسيح عليه
السلام من النفخ في الطين، فيتحول إلى طير بإذن الله، كما قال تعالى: ﴿
وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ
رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ
فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله﴾ [آل عمران: 49]
وهكذا، فإن لتينك النفختين أثرهما التكويني
سواء بالصعق والإماتة، أو بالإحياء من جديد، وفق القوانين الجديدة..
والصعق والإماتة لا تعنيان إعدام الموجودات،
كما عرفنا في النشأة الأولى، وإنما تعني التحول إلى هيئة أخرى متناسبة مع الوضع
الجديد، وقوانينه.
ومع ما ورد في القرآن الكريم حول النفخ في
الصور، وردت كذلك الكثير من الأحاديث والروايات، والتي نرى أنها جميعا محاولة
لتقريب صورة الحدث لتلك المجتمعات البدوية البسيطة، والتي لا يمكنها أن تستوعب
القوانين التي يسير عليها الكون، ولذلك خوطبت على قدر عقولها.
ولذلك سنكتفي هنا بما ورد في القرآن الكريم،
ففيه الإشارات الكثيرة الكافية، لتبيين أهمية ذلك الحدث وقيمته، بل وعلاقته
بالعدالة أيضا.
ومن تلك الآيات قوله تعالى في بيان الغرض من
كلا النفختين: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا
هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر: 68]
وهذا يدل على انحصار عدد النفخات في اثنتين،
لا كما يذكره البعض من أنها ثلاثة بناء على ما فهموه من قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ
يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
إِلَّا مَنْ شَاءَ الله وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: 87]، حيث
توهموا أنها نفخة أخرى عدا نفخة الصعق، ونفخة الإحياء.
وذهب آخرون إلى أنها أربع نفخات، بناء على
فهمهم لقوله تعالى: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 220