اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 213
الجسمية أيضا، تلك القوالب التي أشار إليها
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ [التكوير: 5]، وقوله: ﴿الَّذِينَ
يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا
وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 34]
فقد ورد في الكثير من الأحاديث بيان ذلك، ووصف
عجائب الصور التي يتحول إليها الظلمة والمجرمون بسبب جرائمهم.. ففي الحديث في
تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى
جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 34]،
قال رسول الله a ـ بعد أن رأى استغرابهم في ذلك وسؤالهم عنه ـ: (أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة)[1]
وقد علق ابن حجر على هذا الحديث بقوله ـ ردا
على الذين حاولوا تأويله عن ظاهره ـ (قوله a: (أليس الذي أمشاه) ظاهر في
أن المراد بالمشي حقيقته؛ فلذلك استغربوا حتى سألوا عن كيفيته) [2]
ثم علل ذلك بقوله: (والحكمة في حشر الكافر
على وجهه: أنه عوقب على عدم السجود لله في الدنيا، بأن يسحب على وجهه في القيامة؛
إظهارا لهوانه، بحيث صار وجهه مكان يده ورجله في التوقي عن المؤذيات) [3]
ومثله ذكر ناصر مكارم الشيرازي الأقوال الكثيرة
في المسألة، ورجح ظاهر النص القرآني، فقال: (أقوال كثيرة بين المفسّرين في ما هو
المقصود بحشر هذه الفئة من المجرمين على وجوههم، بعضهم فسّروا ذلك بنفس معناه
الحقيقي، وقالوا: إنّ ملائكة العذاب يسحبونهم إلى جهنم وهم ملقَون على وجوههم إلى
الأرض، وهذا علامة على مهانتهم